إذا كان هناك عمل فني يستحق الإشادة والتقدير الحقيقي فإنه ألبوم (مظلوم) ، لأنك عندما تستمع لألبوم من 15 أغنية – إختيرت من بين 30 أغنية سجلها محيي على مدى ألف ساعة بالإستديوهات- تسمعه لما يتجاوز ساعة كاملة وتشعر أنك لم تستوعب كل مابه من مشاعر وأفكار وأشكال غنائية لتجد نفسك تعيد إستماعه من جديد فإنه حتماً عمل فني إستثنائي.. وإختلف البعض على الشكل الجديد الذي ظهر به محيي على غلاف الألبوم لكني أود أن أوضح في هذا الشأن أن محيي (فنان) لم يكن يوماَ من المهمومين بصرعات النيو لوك ولعل هذا ماجعل بعض المغرضين في الماضي "سامحهم الله" وجهوا له إنتقادات شكلية في غير محلها.. وإن كان محيي قد ظهر علينا هذه المرة بإستايل جديد فأعتقد أن وراء ذلك تدخل اليد الإنتاجية..
بالنسبة لمن عاتبوني على قولي أن محمد محيي ليس نجماَ.. أولاً أنا لا أهاجم محيي بل أدافع عنه لأنه فنان حقيقي.. لذك لن أخدعه وأخدع نفسي معتقداَ أنه نجم.. فالنجومية في عصرنا الحالي لها مقومات يعرفها الجميع.. والموهبة الغنائية هي اَخر هذه المقومات!
* كلمات أغنية (زي كتير) هي الأفضل في الألبوم بمحسناتها اللغوية من تشبيه وتورية وخيال.. على سبيل المثال لا الحصر: ولما كنت أعطش وأضيع كنت أترمي في أجمل تقاطيع، وحصاني ناطط في العالي.. وألوم الشاعر الرائع أيمن بهجت قمر بشدة على بخله علينا وإكتفاءه بأغنية واحدة في الألبوم! وقد فرضت الجمل السجعية القصيرة لكلمات قمر شخصيتها على لحن خالد عز الذي جاء في مقام الرست.. كما غطى الأداء القوي لمحيي في الأغنية توزيع فهد الذي حاول تطويع أدواته لتجسيد الحالة التخيلية الرائعة لكلمات الحبيب المحبط أمام أميرته.. وأعتقد أن خلفيات الكمان في الأغنية كانت بحاجة إلى تفعيل أقوى لتحسين تلك الحالة الخيالية الجميلة.. الأغنية تستحق 8 درجات
* (يا أنا) يعود بها محيي إلى علامة غنائية مميزة بدأها منذ أغنية "عمري ما اتمنيت" وإنتهاءاَ بأغنية "إتخنقت".. هذه المرة بكلمات مصطفى مرسي التي تجسد حالة خاصة من مخاطبة النفس كسابق الأغاني التي ذكرتها.. ولكن الإحساس العالي في أداء محيي لكلمات الأغنية جعلها أقرب لقلوب المستمع لتصبح أغنية ذات حالة "خاصة عامة" يرى الكثيرين واقعهم فيها وكأنهم يخاطبون أنفسهم.. أما لحن خالد عز فجاء أكثر من رائع حيث بدأ في مقام الكرد ليتحول مع الفاصل الموسيقي والكوبليه إلى ملامسة مقام الصبا.. وساعدت المقدمة الموسيقية الشرقية الخالصة للموزع طارق عاكف على التمهيد وتجسيد الحالة الشجنية للأغنية.. وأتفق مع عاكف في عدم تفعيل الإيقاع على خلفية الأغنية والجنوح إلى المقسوم المعتاد.. الأغنية تستحق 9 درجات
* أغنية (مبحبش حد) وإن كانت لوناً جديداَ على محيي لكنها تعتبر فاكهة الألبوم.. وإن كنت أختلف مع طارق عبدالله على ترتيب وضعها بين أغنيات الألبوم.. اللغة في كلمات أسامة الشاذلي جاءت متباينة قليلاً في الدويتو وإن كانت في مجملها في إطار خفة الدم.. حيث قد يتبادر للمستمع شعور بأن كلمات محيي المهذبة "سيبها في وهمها، أنا ولا بقصد" في وادي مختلف عن اللهجة والمفردات التي يرددها تاكي "تحلقلها، مبقاش معانا واكل، لوكلوك".. أما توزيع الراب لخالد عز وفهد فجاء مناسباَ.. الأغنية تستحق 6 درجات
* (كبرت عليا) هي أيضاَ تكرار لحالة غنائية نفذها محيي في أغنية "الصغير" وإن كانت بكلمات مختلفة للشاعر مصطفى مرسي.. لحن محيي الوحيد في الألبوم جاء أغلبه في مقام الكرد لكنه جنح إلى الرست في مقطع "إياك تنسى أول حب.." توزيع خالد عز جاء متناسقاً في أدواته بدون فلسفة.. بجانب تفعيل الإيقاع صعوداً ونزولاً حسب الكلمات والجمل في الأغنية.. الأغنية تستحق 7 درجات
* لون جديد أيضاً على محيي في أغنية البلوز (طول النهار والليل) ليس من حيث الكلمات الرقيقة للشاعر أشرف أمين ولكن من حيث التوزيع المتميز للفنان أشرف محروس.. لكن لحن منير حمودي في الكوبليه لم يأتي متناسقاً مع روح الأغنية وطبيعة هذه النوعية الموسيقية في الأغاني.. ولكي أوضح بمثال بسيط يمكن للمستمع العودة إلى أغنية عمرو دياب "الليلة دي".. الأغنية تستحق 6 درجات
* فكرة جديدة في كلمات خالد تاج ولحن عذب لخالد عز ضمن أغنية (مرة سيبتك).. وجسد ذلك تعبير محيي بحرفية عن حالة التعزز في عتاب الحبيبة " أجي أقول كلمة بحبك تنكريها، ياللا ضيعي وضيعيني وضيعيها، ان فضلك حاجه مني عيشي بيها".. توزيع خالد عز للحن الذي وضعه جاء في صالحه حيث لم يشتت إنتباهه عن وضع لمسة موسيقية تضيف إلى الأغنية رغم أن الإيقاع جاء مقسوماً..